بقلم / الباحثة ميادة عبدالعال
تحمل الوسائل الإعلامية صفة توصيل الخطاب المعتدل إلى البشرية جمعاء.وان كان أصحاب القيم الراقية يجعلون من الاعلام وسيلة ايجابية ، فنرى أن الأخلاق تنمو والأفكار تستنير بالاعلام السوي النقي ، وهذا ساعد على نشر القيم والمبادئ ولنا بالتاريخ عبرة وعظة . وبالجانب الآخر نرى أن الاعلام المضاد للإعلام الايجابي يدعو إلى نشر الفساد وهدم الأفكار والقيم والأخلاق ، وإن تغلف بغلاف الحرية والثقافة العالمية .مع كثرة القنوات الفضائية التجارية، واشتداد المنافسة فيما بينها لتحقيق الأرباح، من خلال الإعلانات والرعايات والخدمات التفاعلية وغيرها، فقد أدى ذلك إلى أن تقوم بعض القنوات الفضائية التجارية بالتنافس والتزاحم لتقديم المادة المثيرة المغرية، الخارجة عن المألوف، مهما تكن هابطة وسلبية.هناك عشرات الدراسات وأوراق العمل والأبحاث، ومئات المقالات والتحقيقات الصحفية، التي ناقشت آثار ظاهرة القنوات الهابطة في الفضاء العربي، وهناك ما يشبه الإجماع بأن النتيجة في الجانب الأخلاقي والقيمي هي نتيجة سلبية وخطيرة.
أما نتائج انتشار الثقافة الهابطة والإعلام السلبي حولت المجتمع إلى مستهلك شديد الولاء للجوانب السلبية في الثقافات الأجنبية، فلا يتم تسويق قيم العمل وأخلاقه، ولا البحث العلمي وأدواته، ولا الالتزام المجتمعي ومؤسساته، ولا الحراك الحضاري وآلياته، وإنما يقوم الإعلام السلبي بتسويق أخلاقيات الشوارع المظلمة، والطبقات السفلى من الثقافات الأجنبية. فهذه البرامج الإعلامية الوافدة علينا كل يوم تحمل شعار الحرية والعالمية بيد ، وباليد الأخرى حربة سامة تخترق العقول قبل العيون .ومن سلبيات وسائل الإعلام إثارة الفزع والشعور بالخوف عند الأطفال عبر شخصية البطل والمواقف التي تتهدده بالخطر، والغرق في الظلمة والعواصف والأشباح خاصة إذا كان الطفل صغيرًا ويتخيل كل الأمور على أنها حقائق وفي ظل هذا التطور والتقدم المذهل لوسائل الإعلام وجدنا أنفسنا أمام هجمة شرسة مفروضة من الإعلام وغزوًا يجتاح عقول أطفالنا.ومع هذا الوضع الذي يتيح لأطفالنا كل شيء، أصبح معه أمر المنع غير مناسب ولا معقول فلا بد من التعامل بحذر مع المادة الإعلامية، وإيجاد البديل المناسب، ولا بد من صناعة إعلامية تصل لعقل الطفل ولا تجعله يشعر بالغربة، ولا شك أن المسئولية مشتركة بين البيت والمدرسة والمسجد وأجهزة الإعلام والثقافة ومن المجتمع بشكل عام، وأن ينتبه الجميع إلى خطورة تأثير وسائل الإعلام على الأطفال .
ولا ينبغي أن تغفل وسائل الترفيه الأخرى كالخروج، والنزهات، واللعب الجماعي وغيرها، فلها أثرها على عدم المتابعة، وعدم الالتصاق بهذه الوسائل الإعلامية، وتقليل حجم التأثر السلبي. للأفراد دور مهم في الحد من الثقافة الهابطة والإعلام السلبي، وذلك من خلال الامتناع عن التعرض لهذه الوسائل، والاتصال الشخصي للأفراد فيما بينهم لتدعيم هذا السلوك، والتواصل الفردي الشخصي عبر وسائل الاتصال، مع ملاك الوسائل الإعلامية والمسؤولين عنها، لتوضيح وجهة النظر في محتوى الثقافة الهابطة، ومضمون الإعلام السلبي، وأن يطالب المشاهدون بحقهم وحق المجتمع في الإنتاج الجيد والإعلام الإيجابي، وحمايتهم وحماية أطفالهم من الإسفاف والابتذال.